3 عادات مدمِّرة وبدائل بنّاءة لها

تتسلل العادات المدمِّرة إلى حياتنا بطرق غير محسوسة، وتسيطر علينا بشكل يجعلها أكثر ضررًا مما نتوقع. هذه العادات لا تستهلك فقط الكثير من وقتنا، بل تستنزف طاقاتنا أيضًا، ومن المدهش مدى سرعة مرور الوقت عندما نمارس هذه العادات، لنجد أن المحصلة النهائية صفر. الوعي الذاتي بهذه العادات الهدّامة هو أول خطوة للقضاء عليها.

التمرير المهلِك (Doomscrolling)

التمرير المهلِك (Doomscrolling) هو قضاء وقت طويل في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متواصل دون أي هدف محدد، مما يجعل الشخص يشعر بالإرهاق والقلق من كميات المعلومات السلبية والتافهة التي يُعرّض نفسه لها. من أمثلة ذلك التصفح على منصتي تيك توك (TikTok) وإنستقرام (Instagram). تتسبب هذه العادة في آثار سلبية على الصحة العقلية والجسدية، مثل زيادة مستويات القلق، والاكتئاب، والشعور بالإحباط والتعب.

للتخلص من هذه العادة، أنصح ببديل بنّاء، ألا وهو التعلم المصغر (Microlearning). التعلم المصغر هو نهج تعليمي يعتمد على تقديم المعلومات بشكل مجزأ ومركز، ويتم عادة من خلال مقاطع مرئية قصيرة أو وحدات تعليمية صغيرة. من أمثلة المنصات الرائدة التي تقدم هذا النوع من التعلم نذكر منصة إدراك (Edraak) و منصة جزيل (Jaziil Learning). على سبيل المثال، يمكنك استغلال الوقت الذي يضيع منك في التصفح اللاهادف في تعلم مهارات أو لغات جديدة مجانًا عبر منصة إدراك أو مثيلاتها. من فوائد التعلم المصغر أنه يتيح لك استثمار وقتك في اكتساب مهارات جديدة أو تحسين معرفتك بمواضيع محددة بطريقة فعالة ومركزة.

من ناحية أخرى، لا حرج في التمتع ببعض التصفح العشوائي عندما يكون لديك وقت فائض أثناء انتظارك عند الصراف، أو في طابور محطة الوقود، أو في فترات راحتك. يمكن أن يكون ذلك مسلّيًا، ولكن احذر إن يتحول هذا التمرير إلى ممارسة مستمرة!

التفكير المفرط (Overthinking)

التفكير المفرط (Overthinking) هو التفكير بشكل متكرر في أمور تتعلق بأحداث ماضية أو مستقبلية، مما يؤدي إلى شعور بالقلق والإجهاد. هذا النوع من التفكير غير مثمر، حيث يعيق قدرة الشخص على اتخاذ القرارات أو الاستمتاع باللحظة.

للتغلب على التفكير المفرط، من المهم أن تكون واعيًا بحدوثه وتتعلم كيفية إيقافه وإعادة نفسك إلى الوقت الحاضر، فالتفكير المفرط دائمًا ما يكون حول شيء حدث وانتهى في الماضي أو شيء في المستقبل لم يحدث بعد أو قد لا يحدث أبدًا.

إن كان من الصعب عليك إيقاف التفكير المفرط، فإن البديل الذي أوصي بممارسته هو التأمل الموجَّه (Guided Meditation). التأمل الموجه هو ممارسة تساعد على التركيز والتخلص من الأفكار المزعجة من خلال متابعة تعليمات مسجلة تساعد على الاسترخاء. من فوائد التأمل الموجه تحسين التركيز، وتقليل التوتر، وتعزيز الوعي الذاتي. يساعد التأمل الموجه على توجيه الأفكار المقلقة إلى مسار أكثر إيجابية وهدوءًا، مما يخفف من الضغط النفسي المرتبط بالتفكير المفرط. استعمل شخصيًا لهذا الغرض تطبيق Mental Future، ولكن هناك عدة تطبيقات وطرق أخرى يمكنك الاختيار منها، بل ويوجد مقاطع على منصة يوتيوب (YouTube) يمكنك الاسترشاد بها في جلسات التأمل.

الغيبة والبُهتان (Backbiting and Slander)

أخيرًا وليس آخرًا، عادتا الغيبة والبُهتان (Backbiting and Slander) سواء في الحياة الشخصية أو في بيئة العمل. قال رسول الله، محمد ﷺ، "أَتَدْرُونَ ما الغِيبَةُ؟ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ. قيلَ: أفَرَأَيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقُولُ؟ قالَ: إنْ كانَ فيه ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فيه فقَدْ بَهَتَّهُ".

بمعنى آخر:

  • الغيبة هي أن تذكر شخصًا بما يكره في غيابه، أي أن تقول عنه شيئًا صحيحًا ولكن بطريقة تسبب له الأذى أو الحرج إن علم بها. على سبيل المثال، إن قلت عن شخص ما أنه بخيل أو كسول وهو كذلك بالفعل، فهذه تعتبر غيبة، حتى لو كانت الصفات التي ذكرتها صحيحة.
  • البُهتان هو أن تفتري على شخصٍ ما بأمر غير صحيح، أي أن تتهمه أو تنسب إليه شيئًا لم يفعله أو ليس فيه. على سبيل المثال، إن قلت عن شخص ما أنه سرق أو كذب وهو بريء من ذلك، فهذه تعتبر بُهتانًا.
هذه العادات منهي عنها في القرآن الكريم {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} لما فيها تأثيرات سلبية على العلاقات الاجتماعية والصحة النفسية، حيث تساهم في خلق بيئة سلبية وتسبب التوتر والعداوة بين الأفراد.

بإمكانك كشخص بالغ وناضج إيقاف نفسك عن اغتياب الآخرين أو تجنب التجمعات التي تنتشر فيها الغيبة، ولكن ماذا لو كنت أنت الشخص المستمع أو المتلقي للغيبة من طرف شخص آخر؟ البديل البنّاء للانخراط في هذه العادة الذميمة هو استبدالها بحوارات هادفة ومثمرة مع الشخص أو الأشخاص الذين تتواجد معهم. اسأل نفسك -في سرك- ما الذي يجعل هذا الشخص مميزًا؟ ما هي مهاراته أو معرفته؟ حاول معرفة ما الذي يتميز به هذا الشخص، واسأله عنه. على سبيل المثال، إذا كنت تعرف أن الشخص الذي تتحدث معه لديه خبرة في مجال الإنتاجية، اسأله عن تجاربه أو وجهات نظره في مجال الإنتاجية. عندما تسأل شخصًا عن شيء هو خبير فيه، ذلك يجعله يشعر بالرضا والإنجاز، وبالمقابل، تكتسب أنت معرفة جديدة، وتوقِف الغيبة في مهدها, عن تجربة!

من المهم أن نفهم أنه يصعب السيطرة على هذه العادات، وأنها -للأسف- قد تُشعرنا بالرضا المؤقت، ولكن مع الوعي بالذات والممارسة المستمرة، يمكننا بالتأكيد تغيير هذه العادات واستثمار وقتنا في أشياء أكثر فائدة وإيجابية.

الخلاصة

تتسلل العادات المدمرة إلى حياتنا بطرق غير ملحوظة، حيث تستنزف وقتنا وطاقاتنا دون تحقيق أي فائدة ملموسة. من أخطر هذه العادات:

  1. التمرير المهلِك (Doomscrolling): وهو قضاء وقت طويل في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مستمر دون هدف محدد، مما يؤدي إلى شعور بالإرهاق والقلق بسبب التعرض للمعلومات السلبية والتافهة. للتخلص من هذه العادة، أنصح بالاستفادة من التعلم المصغر (Microlearning)، والذي يوفر معلومات مركزة من خلال مقاطع مرئية قصيرة أو دورات تعليمية مصغرة، مما يساعد على استثمار الوقت بشكل إيجابي في تعلم مهارات جديدة.
  2. التفكير المفرِط (Overthinking): وهو الانغماس في التفكير بشكل مفرط ومتكرر حول الماضي أو المستقبل، مما يؤدي إلى القلق والإجهاد ويعيق القدرة على اتخاذ القرارات. لمواجهة هذه العادة، أُوصى بالتأمل الموجَّه (Guided Meditation)، والذي يساعد على تحسين التركيز وتقليل التوتر من خلال توجيه الأفكار المقلقة إلى مسار أكثر هدوءًا.
  3. الغِيبة والبُهتان (Backbiting and Slander): الغيبة هي التحدث عن الآخرين بما يكرهون في غيابهم، بينما البُهتان هو الافتراء عليهم بما ليس فيهم. كلا العادتين تساهمان في خلق بيئة سلبية وتؤديان إلى توتر العلاقات الاجتماعية. بدلاً من الانغماس في الغيبة، أنصح بالانخراط في حوارات هادفة مع الآخرين في مجال معرفتهم أو خبراتهم، مما يساهم في خلق بيئة إيجابية.

مع الوعي بالذات والممارسة المستمرة، يمكننا تحويل هذه العادات المدمرة إلى فرص لتعزيز نمونا الشخصي واستثمار وقتنا بشكل أكثر فائدة.

Document

جدول المحتويات

    لديك ملاحظات أو تصحيحات حول الموضوع المطروح؟ نرحب بمساهمتك وتقييمك! لا تتردد في التواصل معنا!

    أرسل لنا بريدًا إلكترونيًا

    التدوينات الأكثر قراءة

    طريقة GTD® للإنتاجية بدون توتر

    تذكير بأصول استخدام البريد الإلكتروني

    البريق الزائف للأرقام وتأثيره على نجاح المؤسسات