تذكير بأصول استخدام البريد الإلكتروني

هل تعاني من فوضى البريد الإلكتروني وتجد نفسك غارقًا بين الإشعارات والمراسلات؟ تخيل عالمًا بلا إشعارات مزعجة على هاتفك، حيث يمكنك التركيز على مهامك بوضوح وتحقيق إنتاجية أفضل. في هذه التدوينة، سأشارك معك تجربتي الشخصية في استعادة السيطرة على بريدي الإلكتروني، والتخلص من الفوضى الرقمية، وبناء عادات عملية ساعدتني على إدارة بريدي الإلكتروني بكفاءة!



في أوائل سنة 2024، وجدت نفسي أمام قرار كبير يتعلق بإدارة بريدي الإلكتروني. كانت الإشعارات تلاحقني باستمرار على هاتفي، وتسبب لي توترًا وتشتيتًا. المشكلة كانت جادة بالنسبة لي لأنني أُدير 3 عناوين بريد إلكتروني لجهة العمل، 1 لمشروعي الخاص، و 1 للجامعة، و 1 للاستخدام الشخصي ومنصات التواصل الاجتماعي — أنا فعليًا استلم مئات المراسلات الإلكترونية في اليوم! لا عجب أن البريد الإلكتروني من أكبر مصادر الإغراق المعلوماتي (Information Overload). في الواقع، أغلب الناس لديهم 3 حسابات بريد إلكتروني حسب دراسة في 2025 من ZeroBounce شملت ما يقارب 660 شخصًا.

Pie Chart

فكرت لوهلة، ماذا لو حصرت استخدام البريد الإلكتروني على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي، وأزلته تمامًا من هاتفي لكي أرتاح من الإشعارات؟ بصراحة، كنت مترددًا جدًا: ماذا لو فاتتني رسائل عمل مهمة أو عاجلة؟ هل سيؤثر ذلك على استجابتي أو إنتاجيتي؟ ظلت هذه المخاوف في ذهني لبعض الوقت، لكنني مضيت قدمًا بالقرار. وبعد تجربة هذا التغيير، كانت النتيجة مفاجِئة، حيث أنني لم ألاحظ أي تأثير سلبي على عملي، ولم يفقد أي شخص الثقة في استجابتي أو كفاءتي. على العكس، شعرت بتركيز أكبر خلال ساعات عملي، وأصبحت أتحكم في وقتي بشكل أفضل. هذه التدوينة تحوي خلاصة ما تعلمته.

خصص أوقاتًا محددة للتعامل مع البريد الإلكتروني

أولى الخطوات لتحقيق هذا الهدف هي التعامل مع البريد الإلكتروني بتركيز كامل في أوقات محددة. عندما تفتح بريدك الإلكتروني، ينبغي أن تكون مستعدًا للتعامل مع الرسائل بشكل فوري، سواء كان ذلك من خلال الرد عليها، أو أرشفتها، أو وضع تذكير لمراجعتها لاحقًا. تصفُّح الرسائل أثناء التنقل أو في أوقات الانشغال يؤدي غالبًا إلى نسيانها أو إهمالها، لذا من الأفضل ألا تفتح أي رسالة إذا كنت تعلم أنك غير مستعد للتعامل معها بتركيز كامل. بدلاً من ذلك، خصص أوقاتًا محددة يوميًا لمراجعة بريدك الإلكتروني، واحرص خلال هذه الأوقات على التركيز الكامل للتعامل مع الرسائل بفعالية. كنقطة بداية، أنصحك بتفقد بريدك الإلكتروني 3 مرات في اليوم فقط: مرة في الصباح، مرة قبل راحة الغداء، ومرة أخيرة قبل انتهاء الدوام. أما إن كنت تمر بفترة مؤقتة تتطلب ردودًا أسرع، فيمكنك تفقد بريدك الإلكتروني مرة في الساعة كحد أقصى، لكن احرص على ألا تجعلها عادة!

لا توجد حاجة لتفعيل إشعارات البريد الإلكتروني

هناك خطأ شائع آخر يتمثل في معاملة البريد الإلكتروني (Email) كأنه تطبيق دردشة (Chat). في كثير من الأحيان، يدفعنا الخوف من التفويت (FOMO وهي اختصار لـ Fear of Missing Out) إلى تفعيل إشعارات البريد الإلكتروني بل وتفقده بشكل متكرر طوال اليوم. لكن في الحقيقة، البريد الإلكتروني ليس أداة للتواصل الفوري، أي أنه لا حاجة لتفقده عشرات المرات يوميًا ولا توجد حاجة لتفعيل كل الإشعارات.

إن كان إطفاء إشعارات البريد الإلكتروني يخيفك، يمكنك ضبطها بحيث تستقبل الإشعارات المهمة فقط مثل:
  • التنبيهات الأمنية من البنوك الرقمية
  • مراسلات الشخصيات المهمة (VIP)
  • مراسلات من جهات أو نطاقات (Domains) معينة

لا داعي لتطبيق ممارسة "Inbox Zero" إلا في حالات قليلة

فيما يتعلق بممارسات إدارة البريد الإلكتروني، هناك العديد من الطرق التي قد تكون مفيدة، ولكن ليس بالضرورة أن تناسب الجميع. على سبيل المثال، هناك ممارسة تُعرف بـ "Inbox Zero" تهدف إلى إبقاء صندوق الوارد فارغًا أو شبه فارغ من خلال التعامل مع كل رسالة فور وصولها.

قد تكون هذه الممارسة مفيدة وضرورية في بعض الوظائف مثل خدمة العملاء، حيث تتطلب هذه الوظائف الاستجابة السريعة للرسائل الواردة. في هذه الحالات، قد يكون السعي لتحقيق "Inbox Zero" مطلوبًا لضمان تقديم تجربة مستخدم ممتازة. ومع ذلك، حتى في هذه الحالات، غالبًا ما يتم استخدام أدوات متخصصة مثل أنظمة التذاكر (Ticketing Systems)، مثل Zendesk أو Freshdesk، التي صُممت خصيصًا لإدارة طلبات الدعم بكفاءة. هذه الأدوات تقلل من الاعتماد الكامل على البريد الإلكتروني وتوفر بيئة أفضل لإدارة طلبات الدعم.

أما بالنسبة لمعظم المستخدمين، وأنا منهم، فيمكنهم تحقيق إنتاجية عالية وإدارة للبريد الإلكتروني بفعالية دون الحاجة إلى الالتزام بهذه الممارسة التي أراها شخصيًا ممارسة خاطئة لأنها تخلق شعورًا زائفًا بالإلحاح مما يشتت التركيز عن المهام الأكثر أهمية وتستنزف الوقت والجهد بسبب الحاجة إلى المتابعة المستمرة للمراسلات، مما قد يؤدي إلى الضغط النفسي، أو الإرهاق، أو حتى الاحتراق الوظيفي.

واكب التطورات التي يمر بها البريد الإلكتروني

على الرغم من انخفاض استخدام البريد الإلكتروني في بعض بيئات العمل، خاصة مع انتشار أدوات العمل التشاركي مثل ClickUp، إلا أنه لا يزال عنصرًا أساسيًا في بيئة العمل اليوم، حيث لا يقتصر دوره على التواصل الخارجي مع العملاء والشركاء، بل يمتد إلى المراسلات الرسمية داخل المؤسسات، مثل الإعلانات، القرارات الرسمية، والتحديثات المتعلقة بالمشاريع، والتي تحتاج إلى الحفظ للرجوع إليها لاحقًا، مما يحول دون فقدانها في محادثات الدردشة عبر تطبيقات مثل WhatsApp وغيرها.

ومع استمرار التطور التقني، يشهد البريد الإلكتروني تحسينات ملحوظة، مثل ميزات الأتمتة (Automation)، التكامل مع التطبيقات (App Integration)، وتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) والتي تساعد في تنظيم الرسائل، تسهيل معالجتها، والرد عليها بفعالية. هذه التطورات تعزز من أهمية البريد الإلكتروني وتؤكد استمراره كأداة عمل رئيسية في المستقبل. لذلك، من المهم استثمار الوقت في تطوير مهاراتك لمواكبة هذه التغيرات وبناء عادات إيجابية لاستخدام البريد الإلكتروني بكفاءة.

الخلاصة

البريد الإلكتروني أداة تم تصميمها للتواصل غير الفوري (Asynchronous Communication)، مما يتيح للمستخدمين إمكانية إرسال واستقبال الرسائل حسب أوقاتهم المناسبة. ومع ذلك، فإن الاستخدام الحديث للبريد الإلكتروني غالبًا ما ينحرف عن هذا الهدف الأصلي، حيث أصبح كثيرون يتعاملون معه كأداة للتواصل الفوري من خلال تفعيل الإشعارات بشكل دائم وتفقده بصورة مفرطة. في هذه التدوينة، قدمت توصيات عملية تعيد استخدام البريد الإلكتروني إلى غايته الأصلية، حيث أدعو الجميع إلى إدارة البريد بتركيز ووعي، من خلال تخصيص أوقات محددة للتعامل معه، وتجنب الانشغال المستمر به. هذه التوصيات تعزز الاستخدام الفعّال للبريد الإلكتروني وتحافظ على كونه أداة تخدم الإنتاجية بدلاً من أن تكون مصدرًا للتوتر أو التشتت.

Document

جدول المحتويات

    لديك ملاحظات أو تصحيحات حول الموضوع المطروح؟ نرحب بمساهمتك وتقييمك! لا تتردد في التواصل معنا!

    أرسل لنا بريدًا إلكترونيًا

    التدوينات الأكثر قراءة

    طريقة GTD® للإنتاجية بدون توتر

    البريق الزائف للأرقام وتأثيره على نجاح المؤسسات