للإلهام: نبذة عن روتيني اليومي
الحياة مليئة بالتحديات والملهيات، ولكن بناء روتين يومي يمكن أن يكون السلاح السري الذي يوجهك نحو النجاح والتركيز. في هذه التدوينة، سأشارككم رحلتي الشخصية في بناء روتين يومي متوازن ومثمر، آملاً أن تجدوا فيه بعض الإلهام لتطوير أو تحسين روتينكم الخاص.
العادات (Habits)
العادات هي جزء أساسي من روتيني، فهناك عادات نافعة أريد بناءها وعادات أخرى ضارة أريد هدمها، أذكر منها:
- اليقظة الكاملة (Mindfulness): أي أن أحجز لنفسي فترة من الهدوء للتأمل، للتدبر، أو كتابة يومياتي (Journaling). هدفي هنا هو إعادة الاتصال بنفسي في معزل عن المؤثرات والضوضاء الخارجية. هذا هو وقتي مع نفسي، وأحيانًا يرافقه قهوة أُحضرها بنفسي. أستعين بتطبيقَي جوال لبناء هذه العادة، وهما Mental Future و Journal.
- تجنُّب التفكير المفرط (Overthinking): عندما أقع في التفكير المفرط، أبدأ دائمًا بالوعي الذاتي (Self Awareness)، أي تحديد اللحظة التي يبدأ فيها هذا التفكير المفرط، وبمجرد أن ألاحظ ذلك، أعمل على إيقافه وإعادة نفسي إلى الوقت الحاضر، فغالبًا ما يرتبط الإفراط في التفكير بأمور من الماضي -حدثت وانتهت- أو بمخاوف حول المستقبل، -لم تحدث أو قد لا تحدث على الإطلاق. ولذلك، أحاول دائمًا إعادة تركيزي إلى اللحظة الحالية والتركيز على ما يمكنني فعله الآن.
- التواصل الاجتماعي: سواء كان وجهاً لوجه أو عبر الإنترنت، أسعى لتعزيز علاقاتي الاجتماعية، خصوصًا مع العائلة بعد وفاة والدتي ووالدي (رحمهم الله). قد يبدو هذا سهلًا للبعض، ولكن لشخص غير اجتماعي مثلي، هذا يعتبر تحديًا كبيرًا وخارج نطاق الراحة (Comfort Zone).
- التعلُّم المستمر: أحرص على تعلم شيء جديد كل يوم، سواء كان من خلال البحث، أو القراءة، أو حضور دورة تدريبية عبر الإنترنت. أنا هنا أتكلم عن التعلم بشكل تعمدي، وليس التعلم العشوائي الذي يحدث أثناء أداء الوظيفة.
- الأكل بالمنزل: الطعام المنزلي يجعلني أكثر طاقة ويجعل تفكيري أكثر حِدّة. من ناحية أخرى، الطهي لنفسي فيه متعة لي لأني أحب الطهي، وأجيدُ طهيَ كل أكلةٍ أحبها!
لا يوجد موعد محدد لاتباع هذه العادات ولا يوجد سقف محدد لها، أي أنني أقوم باتباعها بأكبر قدر ممكن، وأقوم بتسجيلها بمجرد حدوثها وكلما حدثت. أقوم أيضًا بتسجيل المخالفات طبعًا. كيف ذلك؟ أقوم بكل ذلك باستخدام تطبيق جوال مصمم لهذا الغرض. استعمال تطبيق على الجوال يجعل الأمر أكثر سهولة ومتعة من مجرد تتبعها على الورق، أو في ملف إكسل (Excel)، أو غيرها.
لا يهم أي تطبيقٍ تستعمل، فمتاجر التطبيقات مليئة بها، لكن أنا شخصيًا أستخدم تطبيقًا مجانيًا يدعى Habitica لمتابعة عاداتي وتحفيزي على الالتزام بها. التطبيق يقدم لي نقاطًا عندما أحقق أهدافي، ويسحب مني نقاطًا عندما أفشل في ذلك. يمكن استخدام هذه النقاط في عدة أوجه في العالم الافتراضي لبناء وترقية شخصيتك الافتراضية، أو شراء البضائع، أو حتى شراء دب باندا وتربيته، تمامًا كألعاب تقمص الأدوار (Role-Playing Games). ولكن ما يميز تطبيق Habitica هو مجتمعه الحيوي حيث يمكنك المشاركة في التحديات، تنفيذ المهام (Quests)، والتفاعل مع المستخدمين الآخرين في بيئة إيجابية وداعمة.
اليوميات (Dailies)
اليوميات (Dailies)، على عكس العادات (Habits)، هي نشاطات يجب تنفيذها في مواعيد محددة وغالبًا بشكل يومي. أذكر أدناه بعض الأنشطة التي أحرص على القيام بها بشكل دوري، والتي حاولت سردها بالترتيب قدر الإمكان:
- الروتين الصباحي (Morning Routine)
- تمارين الصباح: أبدأ يومي بتمارين التمدد (Stretching) في الفراش، وكذلك تمارين التوازن والسيطرة المعروفة باسم Pilates. مع أنني أكره الرياضة، إلا أن هذه التمارين قد كان لها أثر إيجابي ملحوظ على مزاجي وقدراتي الحركية.
- ترتيب الفراش -وما يماثله من مهام الترتيب- يساعدني على بدء يومي بشكل منظم.
- تنظيف وترتيب منطقة العمل: أعمل أغلب الوقت من البيت، لذلك أحرص على تنظيف مكتبي، وترتيبه، وتهويته بشكل يومي. هذه النقطة وسابقتها تندرجان تحت ما يعرف بـ Declutter Therapy، والذي هو نوع من العلاج النفسي الذي يعتمد على مبدأ أن البيئة الفوضوية يمكن أن تساهم في زيادة التوتر والقلق وغيرها من المشاكل النفسية، بينما يمكن أن يعزز المكان المنظم جيدًا الشعور بالهدوء والراحة النفسية.
- العناية الشخصية: استحمام كامل كل صباح يشمل تنظيف الوجه، فرش الأسنان، واختتمه بالاستحمام تحت الماء البارد.
- القهوة: أُعد القهوة لنفسي في الصباح حيث يكون البيت هادئًا في هذا الوقت، لذلك أحرص على الاستفادة منه في ممارسة اليقظة الكاملة (Mindfulness) ومراجعة أولويات اليوم.
- ساعات العمل
- الوظيفة الأساسية: من الأحد إلى الخميس، أخصص ما يقارب 4 ساعات يوميًا من وقتي لأداء مهامي الوظيفية المعتادة، والتي أُديرها باستخدام منهجية GTD® والتي غطيتها في هذه التدوينة بعنوان طريقة GTD®: الإنتاجية بدون توتر.
- العمل على علامتي التجارية الشخصية (Personal Brand) من خلال نشر محتوى على حسابي في LinkedIn، كتابة مقالة في مدونة أعمال جارية، وغيرها.
- مشروعي الخاص (Side gig): أخصص لمشروعي الخاص من 2 إلى 3 ساعات يوميًا، وأحيانًا أكثر، خصوصًا في عطلة الأسبوع.
- المهام المنزلية: لدي مهام منزلية يومية وأسبوعية مثل تنظيف مدخل البيت، تعبئة خزانات المياه، تنظيف السلالم الخارجية والأسطح، إخراج القمامة (أكرمكم الله)، وغيرها.
- الصلوات: يتخلل اليوم مواعيد الصلوات الخمس، والتي أجتهد في أدائها في وقتها.
- يوم الخميس: كل يوم خميس، أخصص وقتًا للقراءة والمتابعة. أخرج إلى مقهى ومعي الحاسب اللوحي (iPad)، وأطلب قهوتي الأمريكية المعتادة، ثم أبدأ في تصفح المقالات التي قمت بتخزينها خلال الأسبوع. هذا الوقت مخصص أيضًا للتعلم، فأستغل هذه الساعات للتركيز واستكمال ما فاتني من مواد تعليمية.
- نهاية اليوم
- بعد صلاة العشاء، قد أخرج للمشي في منتزه مجاور لي، واستمع لبث صوتي (Podcast)، وأشتري مستلزمات المنزل في رحلة العودة للبيت، ثم أختم يومي بالاستحمام من جديد. أما إن لم أخرج من البيت (خصوصًا في فصل الصيف)، فإنني أجهز لنفسي مقرمشات واستمتع بمشاهدة YouTube وتصفح موقعي المفضل، Reddit.
كانت هذه بعض الممارسات من روتيني اليومي. بغض النظر عن الروتين الذي تتبعه، الأهم هو أن يكون هذا الروتين مناسبًا لك ويحقق لك التوازن المطلوب بين العمل، الحياة الشخصية، والراحة النفسية. من خلال تجربتي، تعلمت أن:
- التتبع والتوثيق يسهمان في تحسين الالتزام بالعادات والأنشطة اليومية.
- استخدام التطبيقات المناسبة يمكن أن يجعل هذه العملية أكثر متعة وسهولة.
- يمكن لأي شخص تحسين روتينه اليومي من خلال البدء بخطوات صغيرة وتجربة ما يناسبه حتى يصل إلى التوازن المثالي.
الخلاصة
الحياة مليئة بالتحديات، لكن بناء روتين يومي متوازن يمكن أن يكون المفتاح للنجاح. في هذه التدوينة، شاركت تجربتي في بناء روتين يومي مكوّن من عادات نافعة وأنشطة يومية محددة.
العادات (Habits)
- اليقظة الكاملة: تخصيص وقت للتأمل أو كتابة اليوميات لإعادة الاتصال بالنفس.
- تجنُّب التفكير المفرط: الوعي الذاتي والتركيز على اللحظة الحالية.
- التواصل الاجتماعي: تعزيز العلاقات الاجتماعية، خصوصًا مع العائلة.
- التعلم المستمر: تعلُّم شيء جديد يوميًا.
- الأكل بالمنزل: الطهي لنفسي يمنحني طاقة ويحسن تفكيري.
اليوميات (Dailies)
- الروتين الصباحي: تمارين التمدد، ترتيب الفراش، تنظيف منطقة العمل، والعناية الشخصية.
- ساعات العمل: العمل على العلامة التجارية الشخصية، الوظيفة الأساسية، والمشروع الخاص.
- المهام المنزلية: تنظيف البيت، تعبئة خزانات المياه، وإخراج القمامة.
- الصلوات: المحافظة على أداء الصلوات الخمس.
- الخميس: أخرج إلى المقهى ومعي الـ iPad، أطلب قهوتي الأمريكية، وأتابع قراءة المقالات والتعلّم.
- نهاية اليوم: المشي أو الاسترخاء بمشاهدة YouTube وتصفح Reddit.
الروتين اليومي يجب أن يكون مناسبًا ويحقق التوازن بين العمل والحياة الشخصية. التتبع والتوثيق يساعدان في تحسين الالتزام بالعادات، واستخدام التطبيقات المناسبة يجعل العملية أكثر متعة وسهولة. ابدأ بخطوات صغيرة واستمر في تجربة ما يناسبك حتى تصل إلى التوازن المثالي.